حكاية كأس
يقع المطر على مظلتي حافيا . ينزف ، يتألم ثم يموت .
هذه الرعشة الاخيرة التي يفتقدها عند لفظ أنفاسه ، تقلقني .
أسأل عنها قبعات الصوف ، فلا تجيب .
أسأل عنها جيوب المعاطف الواسعة ، فلا تجيب .
أسأل عنها جارتي الساخنة وجارتي الباردة ، وأجنحة الوطاوط ، ولا تجيب .
شربت كوبا من المطر ذات صيف ، ظننت أنني أرتويت .
قالت لي زوجتي البلهاء شعرا ونثرا : العاقل يشرب المطر في الشتاء .
أنتظرت شتاء قادما بصبر لا أيوبة فيه .
فتشت عن كوبي طويلا ، تحت التخت ، فوق الخزانة ، وبين أعمدة البيت و( هورديل ) السقف ..
تذكرت انني شربته بعد العشاء .
قالت زوجتي البلهاء قواعد وأعرابا : أشرب من هذا الكأس .
غفرت لها .
فالتذكير والتأنيث بالكأس لا يعرفه الا طبيب النساء .
خذيه معك في المعاينة القادمة ، قلت .
مظلتها أضيق من مظلتي قليل ، لكنها تستطيع حماية الكأس من البلل . وفي اخر المطاف ، تحميها في
صدريتها ، تزركها قليلا ... فأنا ملم في قياس الصداري ، وأنا أنتظر المساء بفارغ الصبر لأخرج
كأسي.
الكأس تتسع لشفتين فقط .
لألف شفتين فقط .
والكوب مقبل من الدرجة الاولى .
تبختر على حافة شفتيها ، مال ، سقط بين قدمي الحافيتين .
نزف ، تألم ، ثم مات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق